Wednesday, May 30, 2007

الآمريكيون والسعوديون وراء الهجمات في لبنان

الأمريكيون والسعوديون وراءَ الهجمات في لبنان
*******
في هذا الأمر الذي يتوجب على المرء بالضرورة دمغهُ بأنه "لعبـة السعادين" تعزف
الدول الغربية – وخصوصا فرنسا والولايات المتحدة – من مدونة موسيقية محددة
*****
بقلم بيير باربانسي – المراسل الخاص/ لومانيتية الفرنسية
By Special Correspondent Pierre Barbancey
ترجمه من الفرنسية الى الانجليزية: ساندرين اجورجيس
Translated By Sandrine Ageorges
ترجمه عن الانجليزية: مجيد البرغوثي
Translated from English by: Majeed Al-Bargouthi

22 مايو ايار 2007
*******
قراءة أوراق الشاي: إن اللحن الذي يعزفه الغرب وحلفاؤه في المنطقة تحت غطاء
المحافظة على العدالة الدولية يذكي نار الفتنة الداخلية في بلاد الأرز، لبنان
********
بيروت: منذ يوم الخميس الماضي، وهو اليوم الذي قدمت فيه الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا العظمى مشروع قرار للأمم المتحدة لضمان تشكيل محكمة دولية لمحاكمة قتلة رئيس الورزاء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، كان الكل يدرك انه لن يمر وقت طويل لتظهر تداعياته في بلاد الأرز.

هذا امر حقيقي، أولا لأن هذه المسالة بالذات حساسة في لبنان. وهي أيضاً تدخل في صلب الخلاف بين عدد من الجماعات. فالأكثرية تجتمع تحت لواء تيار 14 اذار- ويعرف أيضا باسم تيار المستقبل – الذي يتركز حول عائلة الحريري – وتشغل هذه الأكثرية منصب رئاسة الوزارة متمثلة في شخص فؤاد السنيورة.

ويتحالف مع هذه الجماعة أولئك الذي يساندون القوات اللبنانية التابعة لسمير جعجع، الذي أطلق سراحه من السجن مؤخراً بعد تورطه في عدد من المجازر، وهو محازب لعائلة الجميل ( التي انجبت ثلاث رؤساء كانوا يعتبرون موالين للغرب).

ملاحظة من المحرر: ظهر تيار 14 اذار الى الوجود بعد شهر واحد بالضبط من اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري في 14 فبراير عام 2005 حين نظمت مظاهرت ضخمة عبر لبنان تدعو إلى الديمقراطية ومعاقبة القتلة وإنهاء النفوذ السوري).

المعارضة، حزب الله، أساساً، وحركة أمل والتيار الوطني الذي يتزعمه ميشال عون، جمعت قواها تحت لواء تيار 8 اذار ( وهو تاريخ احتجاجات مؤيدة لحزب الله والنفوذ السوري في لبنان حدثت في الاسبوع الذي سبق 14 اذار 2005).

والجماعتان ( حزب الله وحركة أمل) متحالفتان في اللحظة الراهنة بموجب اتفاقات انتخابية وحتى كحليفتين ضمن الحكومة – وقد انشقتا سابقا بسبب تضارب المصالح الطبقبة والدينية والجيوسياسية ...
واليوم، المحكمة الدولية، وفقاً لما هو مقترح، بعثت شبح عودة الشرور القديمة. ذلك لان الأحداث التي وقعت منذ 20 عاما يمكن أن تتكرر، وإن كانت إرادة الوفاق الوطني لم تنتهِ بعد، إلا أنها على أية حال محدودة سياسياً.

مقتل رفيق الحريري

في هذا الأمر الذي يتوجب على المرء بالضرورة دمغه بأنه "لعبة السعادين"، تعزف الدول الغربية – وخصوصا فرنسا والولايات المتحدة – من مدونة موسيقية محددة كُتبت بعد مقتل رفيق الحريري. وهذه المعزوفة هي قرار الأمم المتحدة رقم 1559، ويجري العزف على جزأين: إنسحاب القوات السورية من لبنان ( وهي القوات التي دخلت لبنان بموافقة الدول الغربية عام 1986)، ثم نزع سلاح الفصائل المسلحة – بما في ذلك حزب الله والفصائل الفلسطينية.

وهاتان الخطوتان تهدفان إلى عزل أي شي في المنطقة يمكن أن يعتبر تحالفا مع سوريا وإيران، اللتين تتهمان بكونهما مصدر الشرور ( ومن هنا جاء تعبير "محور الشر" المهم جدا عند جورج بوش). ولذلك فإن حزب الله مستهدف، من النواحي السياسية والدينية.

السعوديون – السنة الذين لهم مصالح مالية واضحة في لبنان – لم يبق لهم إلا أن يعينوا للقيام بدور الشرطي، وحتى دور موزع العدالة – وهذا الموقف – الذي يرغب فيه السعوديون بقوة بدأ يلقى قبولا كأسلوب جديد لتصريف الأمور، والأمر يحق في لبنان اكثر منه في العراق، حيث يخلق الصراع بين الشيعة والسنة دينامية جديدة وخطيرة على شعوب الشرق الاوسط، وعلى الفلسطينيين بشكل رئيسي.

وضمن سياق المواجهة هذا، إضافة إلى التوتر العام، بدأت الحرب في لبنان في صيف 2006. كانت خطط اسرائيل جاهزة. ولكن هزيمتها غير المتوقعة غيرت عواقب الأمور. وقد خرجت الحركة الشيعية من هذه المواجهة بقيادة حسن نصر الله أكثر قوة، حتى في المناطق السنية في الشرق الاوسط، حيث لقي أداء قائد حزب الله كل التقدير. وقد استفز ذلك واشنطن - التي ترى شبح طهران في كل مكان، ولكنه كان أيضاً مشكلة بالنسبة للرياض التي تنوي الدفاع عن مصالحها.

بهذه الخلفية، التي أصبحت أكثر سوءاً مع جمود المؤسسات اللبنانية، إستقال الوزراء الشيعة مما جعل الحكومة اللبنانية بدون شرعية دستورية، ومع وجود برلمان لم يعد ينعقد - مما يعني أن مسألة الاستحقاق الرئاسي لا يمكن ان تحل حلا مناسباً الآن – فإن العاصفة تقترب من لبنان من كل اتجاه.
وتبعاً لذلك، من السهل – بالاعتماد على وسائل الاعلام العالمية – التلاعب وتشجيع الناس على تبني الفرضية السائدة، وخصوصاً المساعدة في إنشاء او تنشيط جماعات دينية صغيرة.

يمنيون وبنغاليون

في اوروبا، اكتشفنا بالتأكيد وجود فتح الاسلام. وخلال مدة يومين، قتلت هذه الجماعة ما يقرب من 30 جندياً لبنانياً، ونظراً لوجودها داخل مخيم للاجئين الفلسطينيين، فقد بذرَت الفوضى والشك.

لا يوجد عملياً أعضاء فلسطينيون في فتح الاسلام، كما بينت هويات الذين قتلتهم القوات اللبنانية خلال اليومين الماضيين. إنهم يمنيون وبنغاليون وغيرهم.

لقد استنكرت كل المنظمات الفلسطينية الغدر الذي مارسته هذه الجماعة. وبالأمس، أعادت صحف لبنانية معينة إلى الأذهان أنه تم في فبراير الماضي إيقاف 4 أعضاء من هذه الجماعة اعترفوا بأنهم شنوا هجوماً قرب بيروت في منطقة مسيحية. ولكن، في نفس الوقت، لم تفعل السلطات شيئاً للتخلص من هذه الجماعة. وضمن إطار هذا التوجه، حين تعرف مدى صعوبة الدخول الى أي مخيم للاجئين الفلسطنيين – التي يتحكم الجبيش اللبناني في نقاط الوصول اليها – فان المرء يتساءل كيف يمكن ان يقع مثل ذلك؟ وهو يخدم مصالح من؟

التوتر يتنامى باستمرار

جزء من الجواب قدمه الصحفي الأمريكي سيمور هيرش، المعروف بكشف ما خفي من لعبة الاوراق الدولية. فلدية شبكة واسعة تمده بالمعلومات، ويتم إعلامة بالأسرار بانتظام عن طريق عملاء سابقين من وكالات سرية دولية .

وفي مقال له نشرته النيويوركر في آذار 2007، يبين هيرش أن استراتيجية المواجهة في لبنان بين الاسلاميين السنة، والشيعة، تتشكل تحت رعاية نائب الرئيس الأمريكي، ديك تشيني.

ويقتبس هيرش من جاسوس سابق في الخدمات السرية ( االمخابرات) البريطانية الشهيرة باسم إم 16. اليستير كروك، وهذا اسمه، أنشأ مجموعة تفكير في بيروت يطلق عليها "منتدى الصراعات"، ويشرح لماذا تحبذ الحكومة اللبنانية دخول مثل هؤلاء المقاتلين إلى أراضيها.

"يمكن أن يكون ذلك خطيراً جداً". يقتبس هيرش من أحد أعضاء هذه الجماعات السنية المتطرفة وهي فتح الإسلام التي استقرت في مخيم نهر البارد. كان هناك 200 منهم " قيل لي أنه في غضون 24 ساعة، عرض عليهم السلاح والمال من قبل أناس قدموا انفسهم على أنهم يمثلون مصالح الحكومة اللبنانية. –ومن المفترض ان المصلحة هي القضاء على حزب الله.

وفقاً للسفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فإن القرار 1559 المتعلق بالمحكمة الدولية يكن أن يعرض للتصويت في نهاية الشهر الحالي (مايو 2007). وفي هذه الأثناء، يتنامى التوتر في لبنان يومياً، والاستعدادات للحرب على إيران تجرى على قدم وساق، وقطاع غزة ليس سوى دم ونار
_______________________________
رابط المقال بالانجليزية
http://www.watchingamerica.com/lhumanite000014.shtml
(رابط المقال بالفرنسية في لومانيتيه)

Monday, May 28, 2007

من يقف وراء القتال في شمال لبنان؟
يجب إسكات فتح الإسلام بأي ثمن. فروايتها ، إذا رُويَت
ستكون سُمَّاً على "النادي" وداعميه. وسوف نرى على الأرجح محاولة تدميرها في الأيام القادمة

By Franklin Lamb in Tripoli, Lebanon
Translated by: Majeed Al-Barghouthi
د. فرانكلين لامب، طرابلس- لبنان
ترجمة: مجيد البرغوثي
من المحتمل أن يكون ارتدائي قميصاً رياضياً رثاً وبالياً عليه الأحرف الأولى من اسم " لجنة الامم المتحدة لحقوق الانسان"، بقي منذ أيام بنت جبيل اثناء حرب تموز بين حزب الله واسرائيل، قد ساعدني. كما ساعدتني، على ما أظن، بلوزة تحمل شعار الصليب الاحمر، وكوفية مرقطة بالأبيض والأسود، وشارة العلم الفلسطيني المعلقة على الياقة، حين انضممت لمجموعة عمال الإغاثة الفلسطينيين، وتسللت بينهم إلى نهر البارد محاولاً أن لا أكون لافتاً للنظر.

كانت مهمتنا تسهيل تسليم الأغذية والأغطية والفِراش، لكنني كنت فضولياً إزاء الوضع السياسي. من كان وراء الأحداث التي انفجرت بسرعة بالغة وبعنف في أعقاب سطو مزعوم على أحد المصارف؟ وهي سرقة، وفقا لمن تتحدث معه، عادت على اللصوص المقنعين بنحو 150,000 ، أو 1,500 أو 150 دولارا!

يبدو أن كل قناة إعلامية في بيروت لها مصدر "معلومات من الداخل" استناداً الى مذهب الذي يملك تلك الوسيلة، ويعرف الفاعلين الحقيقيين الذين يمسكون بالخيوط. ولكن بعد ذلك، حتى نحن الغافلين على نحو خاص أدركنا، أنه، كما كان رفيق الحريري يقول لجلسائه: " في لبنان، لا تصدق أي شيء مما يقال لك، وصدق نصف ما تراه، فقط"

جعلني أصدقائي أقسم بصوت مرتفع أنني سأدّعي أنني كندي، لا أمريكي، إذا أوقفنا رجال من طراز رجال القاعدة داخل المخيم. وكان انطباعي أن أصدقائي لم يكونوا قلقين على سلامتي ولكن على سلامتهم هم إذا ألقي القبض عليهم وهم معي. ولن تكون تلك هي المرة الأولى التي أعتمد فيها على جيراننا الشماليين (الكندييين) في إنقاذي من ورطة حمل جنسية الولايات المتحدة في الشرق الاوسط، فتخليت عن هويتي الأمريكية.

نُصحنا لدى اقترابنا من معقل فتح الإسلام بأننا سنكون في منتصف مرمى قناصة الجيش اللبناني الموجودين خارج مخيم نهر البارد ومنتصف مرمى قناصة فتح الاسلام من الداخل، وأن إي تحرك خاطئ أو حظ سيء، يمكن أن يكون قاتلاً.

بعد ثلاثة أيام من القصف وأكثر من 100 قتيل، وبدون كهرباء وماء، كان مخيم نهر البارد يفوح برائحة اللحم المحترق والمتعفن، والبيوت المتفحمة بمحتوياتها المشتعلة، والمجاري الفجة، والرائحة النفاذة لقذائف المدفعية المنفجرة وقذائف الدبابات.

الأرقام الصحفية التي تقول ان 30,000 – 32,000 غير صحيحة. 45,000 يعيشون في المخيم. وبخلاف بعض التقارير فإنه لم يكن من المسموح إدخال الغذاء والماء حتى ذلك الوقت.

دُمرت بعض المناطق بنسب تتراوح بين 15 - 70 بالمائة. قصف خفيف هذا الصباح والمساء. كان الجيش يقصف بمعدل يتراوح بين 10 – 18 قذيفة في الدقيقة من الساعة 4:30 صباحاً وحتى الساعة 10 من يوم الثلاثاء. ولم يكن الجيش يسمح للهلال الأحمر الفلسطيني بإخراج المدنيين لأن الجيش لا يثق بهم. كان يُسمح فقط للصليب الأحمر اللبناني. من الممكن دخول نهر البارد من الخلف (من الجانب الشرقي). والجيش يصادر كاميرات الصحفيين التي يُمسك بها. والحكومة اللبنانية تسيطر على المعلومات ولا تريد زيادة حجم الأضرار المعروف آنذاك. هناك جثث لم يتم استخراجها بعد. و 40 بالمائة من سكان المخيم تم ترحيلهم. والباقون لا يريدون المغادرة خوفاً من إطلاق النار عليهم أو من فقدان بيوتهم للمرة الخامسة أو أكثر، بالنسبة لبعضهم.

لا توجد كهرباء، وبطاريات الهواتف الخلوية تحتضر. الأقارب الذين فروا، يطلبون من العائلات أن تبقى لأنه لا يوجد ما يكفي من الفِراش في مخيم البداوي. والمُرَحلون من مخيم نهر البارد يقيمون بمعدل 25 شخصاً في الغرفة الواحدة في مدارس البداوي وغيرها. هناك 3,000 من المرحلين يقيمون في مدرسة واحدة في البداوي. بدأت معونات الأمم المتحدة تصل إلى مخيم البداوي ولكن العمال كانوا غير قادرين حتى تلك اللحظة على تسليمها الى مخيم نهر البارد بسبب الهجمات على قاقلة الإغاثة يوم الثلاثاء.

قابلت عبد الرحمن حلاب المعروف بسبب شهرة مصنع الحلويات اللبناني في طرابلس. وساعدته في تنزيل 5,000 وجبة الى المرحلين من نهر البارد الذين أقاموا في البداوي. وهو لبنانيّ وليس فلسطينياً.

يقول سكان المخيم كافة، إن فتح الإسلام جاءت في سبتمبر- أكتوبر 2006، وليس لأفرادها أقارب في المخيم. وهم من السعودية وباكستان والجزائر والعراق وتونس وبلدان أخرى. ولا يوجد بينهم فلسطينيون إلا بعض الفضوليين. ويقول معظم السكان إن دفع الأموال لهؤلاء يأتي من مجموعة الحريري.

والتقارير التي تقول إن فتح الإسلام تقدم العون للناس في مخيم نهر البارد يتم نفيها. " كل ما يفعلونه أنهم يقيمون الصلاة، كما أخبرتني إحدى النساء .. ويؤدون تدريبات عسكرية .. وأنهم أكثر تدينا من الشيعة " على حد قولها.
كان عدد سكان مخيم البداوي 15,000 نسمة، ومنذ هذا الصباح صار عددهم 28,000 نسمة. وصلت أربع جثث هذا الصباح إلى مستشفى صفد، وهو المستشفى الوحيد للهلال الاحمر الفلسطيني في شمال لبنان.

قيل لي إن الجيش سيدمر كل منزل في مخيم نهر البارد لإزالة فتح الإسلام.

أتوقع أن أبقى في مخيم نهر البارد الليلة مع عمال الإغاثة. البعض كان يرى استمرار القتال والبعض يرى امكانية التوصل الى تسوية بالتفاوض. ربما أحاول الأمر الثاني بالتعاون مع منظمة أهلية نرويجية موجودة هنا. لست متأكداً إذا كان أحد في الحكومة مهتماً بذلك. منذ دقيقة دخل أحد أعضاء فتح الإسلام إلى المكتب الطبي الذي أستخدمه في مستشقى صفد وقال إنهم يريدون وقفاً دائماً لإطلاق النار ولا يريدون أن يُقتل او يُجرح المزيد من الناس.

ويزعمون أنه لا مشكلة لديهم مع الجيش.

والآن إليكم خلفية عن مخيم نهر البارد. كغيرة من المخيمات الفلسطينية في لبنان، يسكنه فلسطينيون ممن أجبروا على ترك بيوتهم وأراضيهم وممتلكاتهم الشخصية في 1947-48، ليفسحوا المجال لليهود القادمين من اوروبا وغيرها قبل 15 مايو 1948 عند إنشاء اسرائيل.

ومن بين المخيمات الأصلية الستة عشر التي أقيمت لإيواء أكثر من 100,000 لاجيء عبروا الحدود الى لبنان من فلسطين خلال النكبة، لم يبق سوى 12 مخيماً. مخيم تل الزعتر جرت فيه تصفية عرقية من قبل قوات الكتائب المسيحية في بداية الحرب الاهلية التي استمرت من 1975-1990، ومخيمات النبطية والديكوانة وجسر الباشا تم تدميرها إثر الهجمات الإسرائيلية وهجمات المليشيات اللبنانية ولم تتم إعادة بنائها. وما تبقى يشمل المخيمات التالية التي تؤوي أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان البالغ عددهم الإجمالي 433,276 لاجئا:

البداوي، برج البراجنة، جال البحر، صبرا وشاتيلا، عين الحلوة، نهر البارد، الرشيدية، برج الشمالي، البص، ويفل، المية مية، ومار الياس.

يقع نهر البارد على بعد 7 أميال إلى الشمال من طرابلس قرب ساحل البحر المتوسط الخلاب، وهو مأوى لأكثر من 32,000 لاجيء شُردَ معظمهم من منطقة بحيرة الحولة الفلسطينية، بما فيها مدينة صفد. وكغيره من المخيمات الفلسطينية الرسمية في لبنان، إضافة الى المخيمات غير الرسمية المتعددة، يعاني مخيم نهر البارد من مشاكل خطيرة: بما فيها عدم وجود بنية تحتية مناسبة، والازدحام والفقر والبطالة.

ويضم مخيم نهر البارد أعلى نسبة من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في فقر مدقع وهم مسجلون لدى الامم المتحدة كحالات ذات " صعوبات خاصة". وتزيد نسبتهم على 25 % من سكان المخيم.

وسكان المخيم، كسائر الفلسطينيين في لبنان، يجري التمميز ضدهم على نحو ملموس وليس لهم اعتبار رسمي. وهم محرومون من المواطنة وممنوعون من العمل في أفضل 70 حرفة ومهنة (تشمل العمل في مطاعم ماكدونالد والكنتاكي داخل العاصمة بيروت)، ولا يمكنهم تملك العقارات. والفلسطينيون في لبنان ليس لهم أساساً أية حقوق مدنية أو اجتماعية، ولديهم منفذ محدود للتسهيلات التعليمية الحكومية. وليس في متناولهم أية خدمات اجتماعية عامة. وتبعاً لذلك، يعتمد معظمهم على وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الانروا) وهي الجهة الوحيدة التي توفر الاحتياجات لعائلاتهم.

ليس من الغريب إذن أن يكون هناك تعاطف، إن لم يكن هناك شيء من الارتباطات الرسمية مع القاعدة، ضمن المخيمات الإثني عشر، وكذلك في المخيمات السبعة غير الرسمية. وهناك جماعات تحمل أسماء مثل فتح الاسلام، جند الشام ( جند دمشق)، ابن الشهيد، عصبة الانصار التي تحولت الى عصبة النور - وغيرها كثير.

وبالنظر الى إخفاقات إدارة جورج بوش في العراق وأفغانستان وتشجيعها اسرائيل على مواصلة تدمير لبنان الصيف الماضي، فإن الوضع في لبنان يعكس في بعض جوانبه، بدايات عقد الثمانينيات، عندما انبثقت جماعات تقاوم الغزو والاحتلال الاسرائيلي الذي تم بضوء أخضر من الولايات المتحدة. ولكن بدلاً من أن تكون الجماعات الحالية من الشيعة أو من الموالين لحزب الله، فإنها جماعات سنية في معظمها، وهي ضد حزب الله. ومن هنا فهي مؤهلة للحصول على المساعدات الأمريكية، التي يتم تمريرها عبر من يدعمونها ماليا، وهم من السنة، بالتعاون مع إدارة بوش الملتزمة بتوفير الدعم المالي للجماعات الإسلامية السنية لإضعاف حزب الله.

وهذا المشروع أصبح هاجس البيت الأبيض في أعقاب هزيمة إسرائيل في يوليو 2006.

ومن أجل فهم ما يجري مع فتح الأسلام في مخيم نهر البارد ، يحتاج المرء إلى مقدمة موجزة عن " نادي ولش " المدهش، ولكن، الغامض.

سُمي النادي كذلك نسبة الى عرّابهِ ديفيد ولش، مساعد وزيرة الخارجية رايس، وهو نقطة الاتصال مع ادارة بوش وبتوجيه من إليوت أبرامز.

والأعضاء اللبنانيون الرئيسيون في نادي ولش (اختصارا " النادي ") هم:
أحد قدامى المحاربين وأمراء الحرب الأهلية اللبنانية، الاقطاعي، الزئبقي، وليد جنبلاط من الدروز ( الحزب التقدمي الاشتراكي).

ومحارب قديم آخر، أحد امراء الحرب، الإرهابي (الذي قضى 11 سنة في السجن للمجازر التي ارتكبها ضد اخوانه المسيحيين وغيرهم) سمير جعجع. كان قائدا لحزب الكتائب المتطرف والقوات اللبنانية التابعة له، وهي التي نفذت مذبحة صبرا وشاتيلا، بتنظيم من اسرائيل ( رغم ان الذي قاد العملية هو ايلي حبيقة، الذي كان المعلم الخاص لسمير جعجع، إلا أن سمير جعجع لم يشارك في مجزرة عام 1982 التي ذهب ضحيتها 1700 من الفلسطينيين واللبنانيين).

البليونير، الشيخ السعودي رئيس النادي سعد الحريري، قائد تيار المستقبل السني.

قبل أكثر من عام، باشر تيار المستقبل في تشكيل خلايا إسلامية سنية إرهابية ( فالكتائب والقوات اللبنانية لديهما مليشياتهما الخاصة منذ الحرب الأهلية وبالرغم من أن اتفاق الطائف يقتضي نزع أسلحة المليشيات، إلا أنهما الآن تتسلحان وتتحرقان شوقا للنزال وتحاولان جاهدتين استفزاز حزب الله).

أوجد تيار المستقبل الخلايا الإرهابية الإسلامية السنية لتكون غطاء لمشاريع "نادي ولش" المضادة لحزب الله. وكانت الخطة تقتضي أن يُنحى باللائمة ازاء أفعال هذه الخلايا، ومنها فتح الإسلام، على القاعدة أو سوريا أو أية جهة أخرى غير النادي.

ولتأمين العناصر لهذه المليشيات الجديدة، جلب تيار المستقبل بقايا المتطرفين السابقين من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي تم اخضاعها وتهميشها وإضعافها إبان " الاحتلال" السوري للبنان. ويحصل كل مقاتل على 700 دولار شهريا، وهو مبلغ ليس سيئاً في لبنان هذه الايام.

وأول مليشيا مَوّلها نادي ولش، وشكلها تيار المستقبل، تعرف محلياً باسم جند الشام ( حيث أن الشام باللغة العربية تشير إلى سوريا ولبنان وفلسطين والأردن) وتم إنشاؤها في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينين قرب صيدا. وتعرف هذه الجماعة في المخيمات أيضا باسم جند الست (والست في صيدا وعين الحلوة وأطرافهما تعني بهية الحريري، أخت رفيق الحريري، وعمة سعد، وعضو مجلس النواب).

والمجموعة الثانية هي فتح الاسلام ( وقد صيغ الاسم بذكاء، ليجمع بين فتح في فلسطين والإسلام العالمي كما في القاعدة). وقد أنشا تيار المستقبل هذه الخلية في مخيم نهر البارد للاجئين شمال طرابلس لتحقيق التوازن الجغرافي.

كان لدى فتح الاسلام نحو 400 مقاتل تدفع لهم أجور مجزية، كان آخرها قبل ثلاثة أيام. والآن لديهم عدد يزيد او يقل عن ذلك اضافة الى بعض المتطوعين. وتم تزويد قادتهم بشقق فخمة تطل على البحر في طرابلس حيث كانوا يخزنون فيها الاسلحة، ويستريحون فيها حين لا يكونون في مخيم نهر البارد. خمِّن من يملك تلك الشقق؟

ووفقا لفتح الإسلام وجند الشام، فإن المجموعتين تتصرفان بناءً على توجيهات من رئيس النادي، سعد الحريري.

إذن، ما الخطأ الذي وقع؟ لماذا "السطو على المصرف" ومجزرة نهر البارد؟

وفقاً لمسئولي عمليات فتح الإسلام، فإن ادارة بوش احست بالقشعريرة في اقدامها بسبب بعض الاشخاص، مثل سيمور هيرش، ممن يستقصون الحقائق، وبسبب نظام البيت الأبيض للسقوط الحر في مرحلة ما بعد العراق، إضافة إلى أن استخبارات حزب الله عرفت كل شيء عن نشاطات النادي وكانت في موقع اقصاء المجموعتين المفترض فيهما إشعال حرب أهلية سنية شيعية وهي الحرب التي صمم حزب الله على منع نشوبها.

بدأ كل شيء يتجه نحو الخطأ بسرعة فائقة أمام النادي في الأسبوع الماضي.

أوقف تيار المستقبل دفع الرواتب في حساب فتح الإسلام في المصرف الذي تملكه عائلة الحريري.

حاولت فتح الاسلام التفاوض من أجل الحصول على " راتب جزئي" ولم تحظ بذلك، فشعر أعضاؤها أنهم خدعوا. ( تذكروا أن معظم مقاتلي فتح الاسلام هم من الشباب صغار السن الذين يحبطون بسهولة ومرتباتهم تدعم عائلاتهم). هاجم أعضاء المليشيا المصرف الذي أصدر لهم شيكات لا قيمة لها. وتضاعف غضبهم حين علموا أن تيار المستقبل يزعم في وسائل الاعلام أن المبلغ المسروق أكبر بكثير مما أخذوا بالفعل، وان النادي سيضغط على شركة التامين ليحقق ربحا كبيراً.

قامت قوات الأمن الداخلي اللبنانية ( الموظفة حديثا لخدمة رغبات النادي وتيار المستقبل) بمهاجمة شقق فتح الإسلام في طرابلس. ولم يكن حظها كبيراً في ذلك الهجوم وأجبرت على استدعاء الجيش اللبناني.

في غضون تلك الساعة، ردت فتح الإسلام ضد مواقع الجيش اللبناني، ونقاط التفتيش، والجنود اللبنانيين غير المسلحين الذين لم يكونوا على رأس عملهم ويرتدون ملابس مدنية، واقترفت المجموعة أعمال قتل وحشية بما في ذلك قطع أربعة رؤوس.

حتى تلك اللحظة، لم ترد فتح الاسلام ضد قوات الأمن الداخلي في طرابلس لأن هذه القوات مؤيدة لسعد الحريري، وبعضهم من الأصدقاء، وفتح الإسلام لا تزال تأمل في الحصول على الرواتب من الحريري. وبدلاً من ذلك، توجهت فتح الإسلام ضد الجيش.

إجتمعت حكومة السنيورة وطلبت من الجيش اللبناني الدخول إلى مخيم اللاجئين لإسكات فتح الإسلام، (بعدة أساليب لا بأسلوب واحد). وحيث أن الدخول إلى المخيمات محظورٌ بموجب اتفاق الجامعة العربية لعام 1969، رفض الجيش ذلك بعد أن تبين له حجم المؤامرة التي حاكها ضده نادي ولش. والجيش يعلم أن دخوله إلى أي مخيم بالقوة سوف يفتح جبهة ضده في جميع مخيمات اللاجئين الفلسطنييين الإثني عشر، مما يؤدي الى تقسيم الجيش على أساس طائفي.

يشعر الجيش بأنه غُررَ بهِ من قبل قوات الأمن الداخلي التابعة للنادي والتي لم تنسق مع الجيش اللبناني، كما يقتضي القانون اللبناني، حتى أنها لم تعلمه بالعملية العائلية التي نفذتها قوات الأمن الداخلي ضد الشقق الآمنة التابعة لفتح الإسلام في طرابلس.

واليوم، هناك توترات حادة بين الجيش اللبناني ونادي ولش. ويذكر البعض عبارة " انقلاب الجيش".

حاول النادي إدارة مجلس النواب وهو على استعداد لأن يذهب إلى آخر المدى لكي لا " يخسر" لبنان. ولا يزال لديه 70 مقعداً في مجلس النواب مقابل 58 للمعارضة التي يقودها حزب الله. وللنادي رئيس وزراء يقوم بالواجب هو فؤاد السنيورة.

حاول النادي السيطرة على الرئاسة، وحين فشل همَّشها. وفي العام الماضي، حاول السيطرة على اللجنة الدستورية البرلمانية، التي تدقق في السياسات الحكومية، والقوانين وتراقب أعمالها. وحين فشل النادي في السيطرة عليها، قام ببساطة بإلغاء اللجنة الدستورية. وهذه اللجنة الرئيسية لم تعد قائمة ضمن الحكومة اللبنانية.

وقع الخطأ الرئيس لنادي ولش حين حاول التأثير على الجيش اللبناني ليقوم بنزع سلاح المقاومة التي يقودها حزب الله. وعندما رفض الجيش بحِكمة، قام النادي بالتنسيق مع ادارة بوش للضغط على اسرائيل لتكثف انتقامها بصورة دراماتيكية رداً على أسر الجنديين من قبل حزب الله، وأن " تكسر الحواجز" بشان الردود التاريخية المحدودة، وأن تحاول تدمير حزب الله أثناء حرب يوليو 2006.

والآن يعتبر نادي ولش الجيشَ اللبنانيّ مشكلة خطيرة. تحاول إدراة بوش إهماله وتهميشه لإزالة واحدة من العقبتين الأخيرتين أمام تنفيذ أجندة إسرائيل في لبنان.

إذا تم إضعاف الجيش، فإنه لن يتمكن من حماية أكثر من 70 % من المسيحيين في لبنان الذين يؤيدون التيار الوطني الحر الذي يقوده الجنرال ميشيل عون. ويتكون هذا التيار من مدنيين لبنانيين غير مسلحين يتميزون بمستوى تعليمي جيد وهم من الطبقة الوسطى. والحامي الوحيد لهم هو الجيش اللبناني الذي يساعد في المحافظة على وجودهم في المشهد السياسي. والنوع الثاني من المسيحيين في لبنان، وهم الأقلية، ويشكلون 15% هم القوات اللبنانية التابعة لسمير جعجع، وكلهم مليشيا مسلحة. إذا كان النادي يستطيع إضعاف الجيش أكثر مما هو عليه الآن، فان هذه المليشيا ستكون القوة الوحيدة نسبيا في المشهد المسيحي وستصبح هي "جيش" النادي.
وهناك سبب آخر يحعل النادي راغباً في إضعاف الجيش اللبناني وهو أن الجيش جيش وطني ويشكل صمام أمان للبنان ويضمن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى فلسطين، ووطنية لبنان وثقافة المقاومة التي يقودها حزب الله، الذي يملك علاقات ممتازة معه.

ومن جانبه، يريد النادي إبقاء بعض الفلسطينيين في لبنان لتوفير العمالة الرخيصة، ويريد أن يشحن الباقين إلى الدول التي توافق على قبولهم ( وسيدفع لتلك الدول مبالغ مجزية لتوافق، من جيوب دافعي الضرائب الامريكيين)، والسماح لبضعة آلاف، على الأكثر، بالعودة الى فلسطين لتسوية قضية حق العودة، مع التوقيع في نفس الوقت على اتفاق من نوع اتفاق 17 ايار (مايو) مع اسرائيل ليزداد ثراء أعضاء النادي وتُعطي لإسرائيل مياه لبنان والكثير من سيادة لبنان.

إختصارا للقصة الطويلة، يَجب إسكات فتح الإسلام بأي ثمن. فروايتها، إذا رويت، ستكون سُمَّاً على النادي وداعميه. وسنرى محاولة تدميرها على الأرجح في الأيام القادمة.

إن حزب الله يُراقب ويَدعم الجيش اللبناني
___________________
د. فرانكلين لامب، محامي عالمي ومؤلف كتاب: حرب اسرائيل في لبنان: سجلات تاريخية لشهود عيان حول الغزو والاحتلال، وباحث مشارك في: لو يعرف الامريكيون! كتاب فرانكلين لامب الأخير، الثمن الذي ندفعه: ربع قرن من استخدام اسرائيل للأسلحة الأمريكية ضد لبنان - 1978- 2006
رابط المقال