Thursday, March 29, 2007

إخوة في السلاح


إخوة في السلاح
Brothers in Arms

By: Douglas Herman
دوجلاس هيرمان
ترجمة مجيد البرغوثي
Translated by: Majeed Al-Barghouthi

____________


هذه الجبال الملفعة بالضباب
هي موطن لي الآن
ولكن موطني هو الأراضي المنخفضة
وسيبقى كذلك دوماً
ذات يوم، ستعود إلى وديانك
ومزارعك
ولن تحترق شوقاً بعد هذا
لنكون إخوة في السلاح
. *
* إخوة في السلاح، دايَر ستريتس Brothers in Arms, “ by Dire Straits

الفترة الثانية من رئاسة جورج بوش تبدأ بالألفاظ الفخمة عن الديمقراطية والحرية التي تتكرر باستمرار، ولكن الواقع في العراق يحمل نزرا يسيراً من الشبه مع تلك الألفاظ. ان شبابنا الأمريكيين الذي أرسلوا إلى العراق للتحكم في الشباب العراقي لا يحملون أي شبه ولو من بعيد، مع المثل العليا لديمقراطية أثينا القديمة. "يبدو مما لا شك فيه ان الولايات المتحدة قد اكتسبت منذ الحرب العالمية الثانية سمعة الفشل وعدم الكفاءة في عملياتها العسكرية". هذا ما ذكره قائد الجيش الامريكي الأسبق ريتشارد جابرييل في كتابه " العجز العسكري". "الحقيقة هي أن تطبيق القوة العسكرية لم يكن حاسماً في تعميق أهداف السياسة الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية." وتماما، كما فعل الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون، فان بوش يبدأ فترة رئاسته الثانية منفصلاً عن الواقع كسلفه، ومحاطا برجال لهم نفس التفكير، وبعيدين عن الواقع مثله.
لقد كان ريتر على حق. وبوش وزمرته من الأعوان كانوا على خطأ. خطأ تام. لقد كان سكوت ريتر، رجل البحرية الأمريكية سابقا ومفتش الأسلحة المعين من قبل الامم المتحدة، على يقين من أن صدام حسين لا يملك أسلحة الدمار الشامل، ولم يشكل خطراً على الولايات المتحدة. " نحن لا نستطيع أن نشن الحرب استنادا الى اللغو والتكهنات. كما قال ريتر في الاسابيع التي سبقت الحرب." علينا التأكد من وجود خطر هناك يستحق مواجهته بالقتال.
لهذا تم تشويه سمعة ريتر، وتسفيهه، وليكن ملعونا لو لم يثبت انه كان على حق. لقد كذب بوش، وكذب تينيت، وكذب باول وكذب تشيني وكذب ولفوفيتز، وانتم أيها الإخوة في السلاح، لقيتم حتفكم. لم تكن باقات الورود في انتظاركم في شوارع بغداد المكسوة بالغبار، بل باقات الإنفجارات التي قطعت أوصالكم، أنتم أيها الأصدقاء الواثقون الوطنيون. ومقابل أكاذيبهم، مَنح أولئك الذين في السلطة بعضهم الميداليات والترقيات وباقات الورد وصفقات تأليف الكتب والصالات البراقة. أنتم الذي لم تستحقوا ذلك المصير لم تطرحوا سوى أسئلة قليلة. والآن، في لحظات الأبدية الهادئة، والتحركات المقيدة والزيارات المتكررة للمستشفيات العسكرية، قد ترون الصورة الأكبر بوضوح أكثر قليلا.
عبر حقول الدمار
ومعموديات النار
رأيت معاناتكم
ومع اشتداد وطيس المعارك
وبالرغم من أنها ألحقت بي أذى بالغاً
وسط الخوف والفزع
لم تتركوني وحيدا
أيها الإخوة في السلاح.

هناك عوالم كثيرة مختلفة
وشموس كثيرة مختلفة
ولكن لدينا عالماً واحداً فقط
غير أنا نعيش في عوالم شتى.

نعم، نحن نعيش في عوالم شتى. نحن هنا منفصلون عن خطوط الجبهة كما يمكن ان يكون أي شعب. " ساندوا الجنود". كانت تلك هي اللازمة المتكررة التي يرددها الناس هنا في الوطن، كانت مثل دقات الطبول لوطنية تشبه مضخة البنزين، وتعبر عن حب المرء لبلاده. إن امريكا أمه كريمة، ولكن من سيساعد تايسون جونسون على تغيير ضماده بقية حياته؟ جونسون ، 22 عاما، ميكانيكي، مع فرقة الاستخبارات العسكرية 205، من بريتشارد، ألاباما، جرح في هجوم بقذائف الهاون على سجن أبو غريب ببغداد في 20 سبتمبر 2003، وعانى من جراح داخلية جمة وهو الآن عاجز مائة بالمائة.
عندما كتبت: الجنود المشاة: كعب آخيل في مسعي أمريكا نحو الامبراطورية، كان هناك الكثيرون منكم، أيها الإخوة في السلاح، بدون إصابات وعلى قيد الحياة. وكان هناك أيضا عراقيون أكثر بكثير. في ذلك المقال، اقتبست قولاً لجندي خاض المعارك ضد عدو ثائر كالذي تقاتلونه الآن، وهو المحارب القديم في فيتنام تيم أوبريان الذي كتب يقول: " يجب أن يكون هناك قانون .. إذا كنت تدعم الحرب، إذا كنت ترى أنها تستحق دفع الثمن، فذلك جيد، ولكن عليك أن تضخ السوائل الغالية في خط النار . عليك أن تتوجه إلى الجبهة وأن تلتحق بالوحدة المقاتلة وتساعد على سفك الدم" وكما يعرف كل محارب قديم، فإن اليوم الذي يشكل حدثاً هو اليوم الذي ينتهي فيه القتال إلى الأبد، عندما يصبح الرصاص سببا في السمنة، لا مدمراً لصحتك.
تسونامي من الأكاذيب المتخفية في ثوب الوطنية والواجب تدفع الكثير من الجنود نحو الموت في أراض بعيدة. إنهم يظلون مؤمنين حقيقيين، حتى يروا ويفكروا بانفسهم. إن رصاصة في الساق تسرِّع من عملية التفكير. أو ربما رؤية جثة امرأة أو طفل أو مدنيين مصابين في المعركة يقفون على قارعة الطريق، كما حدث مؤخرا مع الرقيب كيفين بندرمان. " لقد تعلمت من خلال التجربة المباشرة أن الحرب تدمر كل شيء طيب في العالم" كما قال بندرمان. " لقد قررت أن لا أشارك في أية حرب بعد الآن، وبعض الناس في هذه البلاد لا يستوعبون هذا المفهوم. ولكنه بالنسبة لي أمر بسيط.

عندما يرى الجندي بعينيه ما لا يطاق – الكثير جداً من الرفاق القتلى والكثير جداً من المدنيين القتلى – فإنه لا يصلح بعد ذلك لخوض غمار الحرب، فهو في نهاية الأمر، يبدأ في محاكمة المنطق الخاطيء، يبدا في محاكمة الشعارات الإعلامية والدعاية العسكرية. يبدأ بتصديق عينيه هو، بدلاً من ذلك كله، وضميرة هو، وقلبه هو.
وأنتم أيها العراقيون، يا أخوتي في السلاح، أنتم الذين لم تلحقوا بي أي أذي من قبل، أنتم الذين توقعتم نيل الحرية التي تم التغني بها كثيراً، لم تنالوا سوى الاحتلال القائم على الأكاذيب التي ما زالت مستمرة بعد عامين من الهجوم الخاطيء. لقد كنتم تستحقون أفضل من هذا، ولكنني اخشى ان تتطور الأمور الى الأسوأ. لقد عانيتم لعقود تحت الحكم القاسي لصدام حسين، الدكتاتور الذي دعمه الكذابون المتلاعبون الذين يمسكون بزمام السلطة في بلادنا. وهم حتى الآن، يأملون في التلاعب بدمية أخرى في السلطة. وهم بهذا التلاعب السياسي، يسيئون إلينا نحن - المواطنين أو الجنود – الذين ائتمناهم على القيام بالعمل الصحيح.
ومثل المواطن من الدرجة الأولى، ألان جيرمان لويس، 23 عاما، جندي مدفعية من الفرقة الثالثة، الذي اصيب في 16 يوليو 2003 في الطريق العام رقم 8 ببغداد، عندما ارتطمت دبابة الهمفي التي كان يقودها بلغم أرضي، نسف ساقيه، وحرق وجهه وكسر ذراعه اليسرى في ست اماكن. كان ألان يوصل الثلج، الثلج – شيء بارد ومنعش – إلى جنود آخرين، في ذلك الوقت. هل ستقدم أمريكا للويس شيئاً بارداً ومنعشاً – أو هل ستذكره، بعد خمس سنوات من الآن؟
ألآن وقد ذهبت الشمس إلى الجحيم
والقمر يصعد عالياً
دعني القي عليك تحية الوداع،
كل انسان ذائق الموت
ولكنه مكتوب على ضوء النجوم
وعلى كل خط في راحة يدك
أننا حمقى لنشن حرباً
على إخوتنا في السلاح.

" لقد كان الأثرياء والمتعلمون قادرين على التهرب من أعباء الدفاع عن الأمة،" كما استخلص القائد جابرييل، الذي عين سابقا في وزار الدفاع ( البنتاجون)." وقعت المسئولية بدون أي تناسب، على كاهل الفقراء، وغير المتعلمين، والأقليات في الأمة. إن هذه الحالة تشكل وصمة عار في جبين إحدى الديمقراطيات العظمى في العالم. إن ذلك يوزع عبء الموت بدون تناسب عندما يحين وقت الذهاب إلى المعركة.
لقد سمعتم بالقول الماثور: يموت الجبان ألف مرة ولكن البطل يموت مرة واحدة. إن هذا خطأ. إن البطل يموت كل يوم ولكنه يتمالك نفسه مرة بعد أخرى ليقاوم. وسواء كنت جندياً عادياً زج به في معركة لا يفهمها، أو نحن الذين عدنا إلى الوطن لنسلط الضوء على الجبناء الذين أرسلوا الجنود إلى هناك، فإن الخطوط الأمامية تتبدل، ولكن العدو يظل واحداً. لقد كان من الصعب قتل شخصية (تيرمينيتور) القاتل، ولكنه كان شخصية من ورق مقارنة بوحش الأكاذيب الذي نواجهه اليوم. وفق الله الجنود في العودة إلى الوطن، إلى أحضان أحبائهم، حفظ الله مواطني جميع البلدان، فنحن فعلا إخوة في السلاح، نحن جنود مشاة .. ضد طغيان الحروب
.
__________________________________________________
المقال يعبر عن آراء كاتبه
دوجلاس هيرمان: كاتب أمريكي، من قدامى المحاربين، يدين السياسات الخارجية والعسكرية الامريكية. وصف الحرب على العراق قبل وقوعها في بحث له بعنوان: " الصدمة والترويع وبعدهما من مبنى إلى مبنى"
Shock & Awe Followed by Block-To-Block.
وهو مؤلف كتاب: مدافع دالاس
___________________________________________________
رابط المقال باللغة الانجليزية
http://www.strike-the-root.com/51/herman/herman1.html

1 comment:

Anonymous said...

قد يكون الأمر مستحيل ...
قد يكون الأمر أكثر من مستحيل ...

بدأنا المسيرة ,, أقسمنا التحدي رغم الضغوط ...
و مهما تكن الخيارات امامنا فليس لنا غير خيار واحد
التحدي
salimpub